إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما
29722 مشاهدة print word pdf
line-top
ختم النبوة

الأمر الخامس : ختم النبوة:
لما كانت هذه الشريعة لجميع الخلق، وقد كُلف بها جميع العباد في أقطار البلاد؛ فإنما ذلك لكونها خاتمة الشرائع، وآخر الرسالات المنزلة من السماء، فيجب علينا الإيمان بأن محمدا -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء وآخر الرسل. قال الله -تعالى- مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وقد قرئ بفتح التاء وكسرها، وأصل الخاتم ما يختم به ما قبله، ومنه ما تختم به الرسائل حتى لا يضاف إليها شيء ليس منها، والمعنى أنه -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى الخلق، فيلزم من كونه خاتم الأنبياء أن يكون آخر الرسل ، وقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بنيانا، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة! قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين .

وروى مسلم أيضا عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن لي أسماء؛ أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي ، وفي سنن أبي داود وغيره في حديث ثوبان الطويل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي . فيجب الإيمان بأنه -صلى الله عليه وسلم- آخر الأنبياء وأن من ادعى النبوة بعده فهو كاذب، وأن عيسى بن مريم -عليه السلام- حين ينزل في آخر الزمان إنما يحكم بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كفرد من أفراد هذه الأمة، وإن كان ينزل عليه الوحي، لكنه لا يخرج عن هذا الشرع الشريف، وعلى هذا فكل من زعم النبوة أو ادعى الرسالة في هذه الأمة فهو كذاب أفاك، ضال مضل، ولو أتى بمخرقة أو شعوذة، ولو سحر أعين الناس بأنواع من السحر والبهرج الذي يروج على الرعاع والجهلة من العوام، كما جرى على يدي الأسود العنسي ومسيلمة الكذاب من الأحوال الشيطانية، والترهات الباطلة التي يعلم كذبها كل ذي عقل سليم، وكذلك غيرهما ممن ادعى النبوة وحصل له أتباع وشوكة، وفتن به بعض الناس، ومن آخرهم غلام أحمد القادياني الذي انتشر شره وفتن بشبهته طوائف وأمم في الهند والسند وكثير من البلاد، وهكذا كل مدع للنبوة إلى يوم القيامة، وآخرهم الدجال الكذاب الذي وردت السنة بأمره وبيان فتنته والتحذير من شره، وقد قال تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ .
فهذا يدل على أن أولئك الكذابين تنزل عليهم الشياطين، وتخيل إليهم إنما يأتيهم وحي من الله، ولكن سنة الله في خلقه أن يجعل على الحق نورا ، وأن الخرافات والأكاذيب لا بد وأن ينكشف أمرها، ويتجلى لأولى الألباب.

line-bottom